قال تعالى في سورة النساء:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا}[النساء:٦٠] في هذه الآية وصف الله المنافقين بأنهم يتحاكمون إلى الطاغوت، والطاغوت: هو كل ما خالف كتاب الله وسنة رسوله.
((أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ)) والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.
((وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)) لا يمكن أن يجمعوا بين أمرين متناقضين: الإيمان بالله وبرسوله وبما أنزل إليه من قبل، والتحاكم إلى الطاغوت؛ لأن التحاكم إلى الطاغوت ينافي الإيمان بما أنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله، ومع ذلك يتحاكمون إلى الطاغوت، وهو ما خالف كتاب الله وسنة رسوله، فالتحاكم إلى الطاغوت ينقض الإيمان بالله ورسوله، والإيمان بالله ورسوله ينافي التحاكم إلى الطاغوت، فإذا جمعوا بينهما دل على كفرهم ونفاقهم.
ثم قال سبحانه:((وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا)) بين الله سبحانه وتعالى أن التحاكم إلى الطاغوت من إرادة الشيطان، وأنه ضلال بعيد عن الحق.
ثم ذكر من أوصاف المنافقين فقال سبحانه:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}[النساء:٦١] أي: إذا دعوا إلى التحاكم إلى الله وإلى ما أنزل الله لووا رءوسهم وأعناقهم وأعرضوا؛ بسبب كفرهم ونفاقهم.
فإذاً: التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله واجب، ومن تحاكم إلى الطاغوت الذي هو ما خالف كتاب الله وسنة رسوله، فإنه ينافي الإيمان بالله وبرسوله، وهذا من أوصاف المنافقين.