قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل: تضمن حديث سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان وجوابه عن ذلك، وقوله في آخر الحديث:(هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)، فجعل هذا كله من الدين.
وللناس في الإسلام والإيمان من الكلام الكثير: مختلفين تارة ومتفقين أخرى، ما يحتاج الناس معه إلى معرفة الحق في ذلك، وهذا يكون بأن تبين الأصول المعلومة المتفق عليها، ثم بذلك يتوصل إلى معرفة الحقيقة المتنازع فيها].
فهذا كتاب الإيمان الأوسط أو الصغير شرح لحديث جبرائيل عليه الصلاة والسلام، والمؤلف رحمه الله لم يذكر الحديث بفصوله وإنما ذكر معناه، فقال: تضمن حديث جبرائيل سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، ثم عن الإيمان، ثم عن الإحسان، ثم قال في آخر الحديث:(هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) فسمى الإسلام والإيمان والإحسان ديناً، فالدين له ثلاث مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان.
وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إن الناس اختلفوا في مسمى الإسلام وفي مسمى الإيمان، مختلفين تارة ومتفقين تارة، وقال: إن الحق يتبين بعد معرفة الأصول المتفق عليها، وذكر من هذه الأصول التي دلت عليها النصوص أصلين: الأصل الأول: أن الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة ثلاث طوائف: مؤمنون باطناً وظاهراً، وكفار باطناً وظاهراً، ومسلمون في الظاهر وكفار في الباطن وهم المنافقون، وهذا أصل دلت عليه النصوص من الكتاب ومن السنة، وأجمع عليه العلماء.
الأصل الثاني: أن النصوص وصفت أقواماً من الناس بالإسلام ونفت عنهم الإيمان، كقوله تعالى:{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات:١٤]، وكقوله صلى الله عليه وسلم لـ سعد بن أبي وقاص لما قال له حين أعطى رجالاً يتألفهم على الإسلام:(ما لك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمناً، فقال عليه الصلاة والسلام: أو مسلماً.
ثلاث مرات).
والخلاصة في هذا: أن مسمى الإسلام ومسمى الإيمان اختلف الناس فيه على أقوال: