[سقوط عقوبة الذنب بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم]
قال المصنف رحمه الله: [السبب السادس: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة، كما قد تواترت عنه أحاديث الشفاعة مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:(شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي).
وقوله صلى الله عليه وسلم:(خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة؛ لأنها أعم وأكثر، أترونها للمتقين؟ لا ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين)].
هذا هو السبب السادس من الأسباب التي تسقط بها العقوبة عن المسلم، وهو: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة.
وأحاديث الشفاعة بلغت حد التواتر فتفيد العلم بيقين، ومع كونها متواترة أنكرها الخوارج والمعتزلة وقالوا: لا شفاعة للعاصي ولو كان موحداً، فأنكروها مع أنها متواترة، والمتواتر لا يجوز إنكاره، ومن أنكر المتواتر قد يحكم بكفره في بعض الأحيان، لكن هؤلاء متأولون؛ ولهذا أنكر عليهم أهل السنة وبدعوهم وصاحوا بهم وضللوهم: كيف تنكرون النصوص وهي متواترة؟! وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يشفع أربع شفاعات، في كل مرة يحد الله له حداً، والأنبياء يشفعون، والملائكة يشفعون، والأفراط يشفعون، والشهداء يشفعون، فكيف تنكرونها وهي أحاديث صحيحة؟! فمنها: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) أي: لأهل الكبائر الموحدين.
ومنها: حديث أبي هريرة: (من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) والحديث في الصحيح، فمن قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه استحق الشفاعة ولو مات عاصياً.
وكذلك الحديث الذي ذكره المؤلف:(خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة؛ لأنها أعم وأكثر أترونها للمتقين؟ لا ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين) أي: من الموحدين، فالمؤمن الموحد الذي مات على التوحيد استحق الشفاعة ما دام قد مات على التوحيد.
أما المشرك فلا نصيب له في الشفاعة؛ لأنه مات على الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر أو النفاق الأكبر، وهذا لا خلاف فيه، كما قال الله:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر:٤٨]، وقال تعالى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ}[البقرة:٢٥٤] وقال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ}[غافر:١٨]، وهذه كلها في الكفار.