قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال تعالى في سورة القتال: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}[محمد:٢٩ - ٣٠] إلى ما في السورة من نحو ذلك].
هذه الآيات في سورة القتال ويقال لها: سورة محمد.
يقول الله تعالى:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ}[محمد:٢٩]، هذا المرض هو مرض النفاق والشك والشبهة، وهو أشد من مرض الشهوة، ومرض الشهوة هو مرض المعاصي، ومرض الشبهة هو مرض القلب ومرض الشك والريب والنفاق.
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ}[محمد:٢٩]، بل إن الله تعالى سيخرج أضغانهم، ويبين صفاتهم لعباده المؤمنين، ولهذا قال سبحانه:{وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ}[محمد:٣٠] ولكنه سبحانه وتعالى أخفى ذلك؛ لتكون الأحكام على الظاهر، وتوكل السرائر إلى الله عز وجل.
{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}[محمد:٣٠] أي: قد يظهر من أقوالهم ما يدل على ما تخفيه بواطنهم، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}[محمد:٣٠].
ثم قال سبحانه:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد:٣١] أي: أن الله تعالى يختبر عباده في السراء والضراء والمحن والشدائد؛ حتى يتميز الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق كما قال سبحانه في آية العنكبوت:{وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}[العنكبوت:١١].