[الرد على المعتزلة في تقسيم الناس بين الإيمان والكفر]
قال المصنف رحمه الله تعالى:[وهؤلاء يرد عليهم بمثل ما رد به على الخوارج، فيقال لهم: كما أنهم قسموا الناس إلى مؤمن لا ذنب له وكافر وفاسق لا حسنة له].
الضمير يعود إلى الخوارج، (فكما أنهم) أي: الخوارج (قسموا الناس إلى مؤمن لا ذنب له وكافر لا حسنة له)، والمؤمن الذي لا ذنب له هو المؤمن المطيع، والكافر الذي لا حسنة له هو الكافر والعاصي.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[قسمتم الناس إلى مؤمن لا ذنب له وإلى كافر وفاسق لا حسنة له].
قوله:(قسموا): الضمير يعود إلى المعتزلة، والمعنى: قسمتم أيها المعتزلة الناس إلى مؤمن لا ذنب له وهو المطيع، وإلى كافر وفاسق لا حسنة له، فالكافر معروف، والفاسق هو المؤمن العاصي، فجعلوهم قسمين، لكن الفاسق لا حسنة له كما أن الكافر لا حسنة له، فجعلوا الفاسق مثل الكافر، والفاسق مؤمن له حسنات عند أهل الحق، لكن عند المعتزلة ليس له حسنة.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[فلو كانت حسنات هذا كلها محبطة، وهو مخلد في النار لاستحق المعاداة المحضة بالقتل والاسترقاق، كما يستحقها المرتد].
هذا هو الرد الأول، أن نقول للمعتزلة: لو كانت حسنة العاصي مرتكب الكبيرة حابطة وهو مخلد في النار لاستحق المعاداة المحضة بالقتل والاسترقاق كما يستحقها المرتد، ولو كان الزاني والسارق وشارب الخمر أو المرابي تحبط أعماله كالكافر وليس له حسنات لاستحق المعاداة المحضة فيقتل ويسترق كما أن الكافر يقتل ويسترق، فالمؤمنون إذا قاتلوا الكفار يقتلونهم ويسترقونهم، وإذا وقعوا أسرى بأيديهم فالإمام مخير بين القتل والاسترقاق والمفاداة، فهذا المؤمن العاصي الذي تقول المعتزلة إنه لا حسنة له وإن أعماله حابطة لو كانت أعماله حابطة لكان يستحق أن يعادى معاداة تامة كالكافر ويقتل ويسترق، لكن النصوص دلت على أنه يعامل معاملة المؤمنين.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[فإن هذا قد أظهر دينه بخلاف المنافق].
العاصي مرتكب الكبيرة قد أظهر دين الإسلام وهو مؤمن، وإذا سألت العاصي فقلت له: أأنت مؤمن؟ قال: نعم أنا مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، ونحن نصلي ونصوم، فهو يظهر دينه وينتسب إلى الإسلام بخلاف الكافر.