ثم وجه إليه السؤال الرابع (قال: أخبرني عن الساعة؟) والسؤال الرابع ليس عند الرسول له جواب، قال:(ما المسئول عنها بأعلم من السائل) يعني: علمي وعلمك سواء، فالساعة لا يعلمها إلا الله، قال الله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ * قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ}[الأعراف:١٨٧ - ١٨٨].
وبالمناسبة للفائدة: عندي كتاب كتبه شخص وحدد قيام وقت الساعة، وهذا من التخريف، واسم المؤلف يمكن أن يكون مستعاراً (كتبه فهد السالم)، ذكر أن نزول المسيح عيسى بن مريم سنة ألف وتسعمائة وتسعة عشر ميلادي، وأن قيام الساعة عام ألفين وعشرة ميلادي، وهذا مما يدل على سخافته، وأنه يؤرخ بالتاريخ النصراني، ولا يؤرخ بتاريخ الإسلام، فهذا من المخرفين، إذ حدد خروج المسيح الدجال وحدد وقت الساعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(ما المسئول عنها بأعلم من السائل)، يعني: علمي وعلمك سواء، وهذا حددها.
ثم توجه إلى السؤال الخامس:(قال: أخبرني عن أمارتها؟) أي: إذا كنت لا تعلم وقت الساعة فأخبرني عن العلامات، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم عن العلامات:(قال: أن تلد الأمة ربتها) أي: الأمة تلد سيدتها، والمعنى: أمة تباع وتشترى تلد مولودة فتكون سيدة على أمها.
قال العلماء: معنى ذلك أنه تكثر السراري ويتسرى الملوك الإماء ثم تلد الأمة بنتاً للملك فتكون بنت الملك سيدة على أمها.
وفي لفظ:(أن تلد الأمة ربها) وهنا: (أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان) الحفاة: الذين لا نعال لهم، العراة: الذين لا ثياب عليهم، العالة: الفقراء، يتطاولون في البنيان.
والحديث له ألفاظ أخرى.
(ثم لبث ملياً)، وفي لفظ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ردوا السائل، فذهبوا فلم يجدوا أحداً) أي: خرج الرجل من عندهم فلما ذهبوا لإحضاره لم يجدوا أحداً؛ لأنه ملك من الملائكة وقد جاء في حالة غريبة: شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، والعادة في ذلك الوقت أن الأسفار متعبة، والذي يأتي من السفر تكون ثيابه رثة متسخة وشعره كذلك متسخ، لكن هذا ثيابه بيضاء جميلة، كأنه خرج من بيته مثلنا الآن، وشعره كذلك أسود ليس فيه غبار، فتعجب كيف يكون مسافراً ويأتي بهذه الصورة؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ردوا السائل)، وفي لفظ قال:(فلبث ملياً ثم قال: يا عمر! أتدري من السائل؟ فقال عمر: الله ورسوله أعلم)، هذا يقال للنبي صلى الله عليه وسلم في حال حياته، يقال: الله ورسوله أعلم، أما بعد وفاته يقال: الله أعلم؛ لأن الرسول لا يعلم الغيب، ولا يعلم أحوال أمته.
(فقال عليه الصلاة والسلام: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) وهذه اللفظة التي ذكرها المؤلف الآن، وفي لفظ:(أمر دينكم).
فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن مسمى الإسلام ومسمى الإيمان ومسمى الإحسان هو الدين، إذاً: الإسلام والإيمان والإحسان داخل في مسمى الدين، والدين يشمل الإسلام والإيمان والإحسان، وله ثلاث مراتب: مرتبة الإسلام، ثم المرتبة الثانية مرتبة الإيمان وهي أعلى منه، ثم المرتبة الثالثة مرتبة الإحسان.
إذاً: الدين يشمل الإسلام والإيمان والإحسان وهي مراتب، أعلاها الإحسان، ثم الإيمان، ثم الإسلام.