للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الأول في الإسلام والإيمان]

القول الأول: أن مسمى الإسلام هو الكلمة ومسمى الإيمان يعم.

والكلمة يعني: النطق بالشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فمن نطق بهما فهو مسلم، فإذا عمل وأدى الواجبات وترك المحرمات فهو المؤمن.

وهذا القول مروي عن الإمام الزهري رحمه الله تعالى وبعض أهل السنة، وليس مقصود الإمام الزهري رحمه الله أن الأعمال لا تدخل في مسمى الإسلام، فإن الإمام الزهري أجل من أن يخفى عليه مثل ذلك، لكن مقصود الإمام الزهري بقوله إن الإسلام هو الكلمة أن الإنسان إذا نطق بالشهادتين حكم له بالإسلام، وتميز عن المشركين وعن اليهود والنصارى، والأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان.

ومن أدلتهم: قول الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر:٣٢].

قالوا: فالظالم لنفسه هو المسلم، والمقتصد هو المؤمن الذي أدى الواجب فترك المحرمات، والسابق بالخيرات هو المحسن.

وهذه الآية لا تدل على ما ذهب إليه هؤلاء؛ لأن الآية ليس فيها أن الإسلام هو الكلمة، وإنما فيها تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام: ظالم لنفسه: وهو الذي قصر في بعض الواجبات وارتكب بعض المحرمات.

ومقتصد: وهو الذي أدى الواجبات وترك المحرمات.

وسابق بالخيرات: وهو المحسن.

فالآية قسمت الناس إلى ثلاثة أقسام، كحديث جبرائيل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام وعن الإيمان وعن الإحسان.

ومن أدلتهم أيضاً: أن النصوص دلت على تسمية الإسلام باسم الإيمان، وتسمية الإيمان باسم الإسلام، فحديث جبرائيل الذي معنا فسر النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالأعمال: الشهادتين والصلاة والزكاة والصوم والحج.

وفي حديث وفد عبد القيس فسر الإيمان بالأعمال، فإن في حديث وفد عبد القيس وهو حديث صحيح رواه الشيخان قال النبي صلى الله عليه وسلم: (آمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا سدس ما غنمتم)، ففسر الإيمان بالأعمال، قالوا: إن النصوص سمت الإسلام بما سمي به الإيمان، وسمت الإيمان بما سمي به الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>