للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجيه قول الطحاوي: (ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله)

السؤال

يذكر من قول أهل السنة والجماعة: (ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله) أهي صحيحة أم أنها قيلت للرد على الخوارج، مع أن ترك الصلاة بدون استحلال كفر، أفتونا مأجورين؟

الجواب

هذا قول الطحاوي رحمه الله، وأجاب عنه الشارح وقال: (ما لم يستحله) أي: ما لم يعتقده، ثم اعترض أيضاً على هذا الجواب بأن معنى (يعتقده) معنى يستحله.

والذنب إذا أطلق شمل الكفر وغيره, والمعصية تشمل الكفر وغيره، قال تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٨١] فهذه هي خطيئة الشرك، فالذنب يطلق على الشرك وعلى ما دونه.

والعلماء اصطلحوا على أن الذنب يطلق على ما دون الشرك، وما دون الشرك لا يكفر مرتكبه إلا إذا استحله وكان أمراً معلوماً من الدين بالضرورة وليس له شبهة، وذلك مثل الزنا السرقة الخمر عقوق الوالدين وقطيعة الرحم, فهذه كلها كبائر، من استحلها واعتقد أنها حلال كفر، أما إذا فعلها طاعة للهوى والشيطان فلا يكفر، بل يكون عاصياً، فالزاني عاص إلا إذا اعتقد أنه حلال؛ لأنه كذب الله، ومن تعامل بالربا وهو يعلم أن الربا حرام، لكن غلبه حب المال والجشع وأطاع الشيطان فهذا عاص ضعيف الإيمان مرتكب لكبيرة، فإذا استحله كفر.

وكذلك من عق والديه، ويرى أن عقوق الوالدين حلال، فهذا يكفر، لكن إن عق وهو يعلم أن عقوق الوالدين حرام، ويؤمن بقول الله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة:٨٣]، لكن غلبه الهوى والشيطان، فهذا ضعيف الإيمان، وهكذا.

فالذنب إذا كان من الكبائر وكان من الأمور المعلومة في الدين بالضرورة واستحله كفر, أما إذا لم يستحله فإنه يكون عاصياً ضعيف الإيمان، ولا يكفر إلا بالشرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>