سُلَط الموت والمنون عليهم ... فلهم في صدى المقابر هام
وقال شدّاد بن الأسود الليثي:
يخبرنا الرسول بأَن سنحيا ... وكيف لقاء أصداء وهام
وقال مغَلَّس الفقعسي:
وأن أخاكم علمتم مكانه ... بسفح قنا تسفى الأعاصر
له هلمة تدعوا إذا الليل جَنّها ... بني عامر هل للهلالّي ثائر
ومن العرب من يزعمون أن النفس طائر يتبسط في الجسم، فإذا مات الإنسان أو قتل لم يزل يطيف به مستوحشاً على قبره. ويزعمون أن هذا الطائر يكون صغيراً ثم يكبر حتى يكون كضرب من البوم. وهو أبدأ مستوحش يألف المعطّلة، ومصارع القتلى، والقبور، وأنها لا تزال عند ولد الموتى ومُخلَّفة لتعلم ما يكون بعده فتخبره.
والعرب يدينون بيوم القيامة ويرتقبونه. ومما يتخذون من العدة له أن يحفروا على جانب من قبر صاحبهم حفيرة، ويقيمون بها بعيراً، يعقلونه، لا يعلفونه، ولا يسقونه حتى يموت. فذلك مركبة يوم القيامة. فإن لم يفعلوا له ذلك خرج يوم البعث يسعى حافياً متسكعاً. وهم يسمون هذا البعير بلّية.
قال قائلهم يوصي ولده:
احمل أباك على بعير صالح ... يوم القيامة إن ذلك أصوب
لا تتركن أباك يسعى خلفهم ... تَعِباً يَخِر على يديه وَيَنْكُب