حدّث التوزي عن عتبة الغلام قال: خرجت من البصرة والأبلة فإذا أنا بخباء أعراب قد زرعوا، وإذا أنا بخسمة، وفي الخيمة جارية مجنونة عليها جبة صوف لا تباع ولا تشترى، فدنوت فسلمت فلم ترد على السلام، ثم وليت فسمعتها تقول:
زهد الزاهدون والعابدون ... إذ لمولاهم أجاعوا البطونا
أَسهروا الأعين القريحة فيه ... فمضى ليلهم وهم ساهرونا
حيرتهم محبة الله حتى ... علم الناس أن فيهم جنونا
هم ألبا ذوو عقول ولكن ... قد شجاهم جميع ما يعرفونا
قال فدنوت إليها فقلت الزرع؟ فقالت: لنا إن سلم، فتركتها وأتيت بعض الأخبية فأرخت السماء كأفواه القرب، فقلت لآتينها فأنظر قصتها في هذا المطر، فإذا أنا بالزرع قد غرق وإذا هي قائمة نحوه وهي تقول: والذي أسكن قلبي من طرف سحر بصفي محبة اشتياقك إن قلبي ليوقن منك بالرضا، ثم التفت إليّ فقالت يا هذا! إنه زرعه فأنبته، وأقامه فسنبله وركبه، وأرسل عليه غيثاً فسقاه، وطلع عليه فحفظه، فلما دنا حصاده أهلكه، ثم رفعت رأسها نحو السماء فقالت العباد عبادك وأرزاقهم عليك، فاصنع ما شئت، فقلت لها كيف صبرك، فقالت: اسكت يا عتبة:
إن إلهي لغني حميد ... لي كل يوم منه رزق جديد
الحمد لله الذي لم يزل ... يفعل بي أكثر مما أريد
[بين القبور]
حدّث التوزي عن مصعب قال: قرأت على لوحين فوق قبرين: