السياسية قد صفت مظاهرها، فإن الحياة الزوجية في الأسرة المؤتلفة كان يشكو بها الكدر ويفسدها الشقاق، وذلك شأن الزواج الذي لا تأتلف فيه نشأة الزوجين وأسلوب تربيتهما، وكان الخلاف بين محمد وزوجه أشد مما كان بين أبيه وزوجه، تريد المرأة أن يبسط لها زوجها بساط النعيم، ويفسح مجال
السرور. ويجلو لعينيها بهجة الملك، ويأبى الرجل إلا التضييق عليها في ذلك كله، وكلاهما في الطرف القصيّ من صاحبه، وكثيراً ما كانت تشكوه غلى أبيها المأمون فيقول لها: يا بنية أطيعيه واحتميه بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[القطيعة]
على أن الحبل ما لبث أن قطع من أحد طرفيه، فإن عليا مات بعد قليل ممن زواجه على أثر أكلة عنب قيل إنه مسموم، وقيل إن امرأته هي التي سمته، وقيل إن المأمون هو الذي أوحى ذلك إلى ابنته ليعود ودّ بني أبيه، ثم قطع الطرف الثاني في عهد المعتصم حين مات محمد بن علي، ويقول الشيعة إن امرأته كذلك هي التي قتلته لتفصم عقدة الحياة بينها وبينه، وبذلك عاد البيتان إلى قديم ما كانا عليه من فرقة وشتات وكان حُلماً فانقضى، وكان عقداً فانتثر.
فإن الجرح ينفر بعد حين ... إذا كان البناء على فساد
[الاقتداء]
وكان لا بد للمرأة أن تأتسي بأحد هذين البيتين: فأما بيت العباس فقد دخل في زمرته جمهور من النساء وأخَصُّهن ذوات الجاه والثراء لأن كل ما في الحياة من لهو واندفاع ينزع بهن إلى تلك الناحية، ومن شأن المقلد أن يندفع في تقليده إلى أبعد ممن يحكيه، وكذلك خرج النساء إلى مستَبَق المرح ومغتنَم السرور، وإذا استثنيت