برزن نحوك للتسليم خاشعة ... أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافية ... كأنها لم تطأ مسكا وكافورا
لا خَدَّّ إلا ويشكو الجدب ظاهره ... وليس إلا مع الأنفاس مطمورا
قد كان دهرك إن تأمره ممتثلاً ... فردّك الدهر مَنْهِيّاً ومأمورا
من بات بعدك في ملك يسر به ... فإنما بات بالأحلام مغرورا
ومن قوله يخاطب حين بلغ به العظم:
قيدي أما تعلمني مسلما ... أبَيْت أن تشفق أو ترحما
دمي شراب لك واللحم قد ... أكلتهُ لا تَهشِم الأعظما
ارحم طفيلا طائشاً لبه ... لم يَخْشِ أن يأتيك مسترحما
وارحم أخيات له مثله ... جرعتَهن السم والعلقما
منهن مَن يفهم شيئاً فقد ... خفنا عليه للبكاء والعمى
والغير لا يفهم شيئاً فما ... يفتح إلا لرضاع فما
[الجواري المدنيات في الأندلس]
وتلك طائفة أخرى من الجواري المجلوبات إلى الأندلس تصلها بغيرها صلة الاسم وتبعدها عنهن فوارق المبدأ والغاية والأثر.
ولقد عُرفت المدينة منذ استوطنها اليمانيون من الأوس والخزرج بالرقة والظرف وإتقان الغناء والعزف، ودرجت على ذلك في الإسلام ولم تنحرف عن شهرتها في ذلك كله حتى في عهد النبوة والخلافة.
واتصل الأندلسيون بأهل المدينة في مواسم الحج واستمعوا غناء جواريهم، فذهبن بهم كل مذهب من الطرب والإعجاب، وسارت الأنباء بذلك إلى الأمير