سهر معاوية ليلة فذكر الزرقاء بنت عدي غالب بن قيس - امرأة كانت من أهل الكوفة. وكانت ممن يعين عليا عليه السلام يوم صفيف. فقال لأصحابه أيكم يحفظ كلام الزرقاء؟ فقال القوم كلنا تحفظه يا أمير المؤمنين: قال فما تشيرون عليّ فيها؟ قالوا نشير عليك بقتلها، قال بئس ما أشرتم على به! أيحسن بمثلي أن يتحدث الناس أني قتلت امرأة بعد ما ملكت وصار الأمر لي؟ ثم دعا كاتبه في الليل فكتب إلى عامله في الكوفة أن أوفد إلىّ الزرقاء ابنة عدي في ثقة من محارمها. وعدة من فرسان قومها، ومهدها وطاءلين، وأسترها بستر حصيف فلما ورد عليه الكتاب ركب إليها فأقرأها الكتاب، فقالت: أما أنا فغير زائغة عن طائفة، وإن كان أمير المؤمنين جعل المشيئة إلى لم أرم منم بلدي هذا، وإن كان حكم الأمر فالطاعة له أولى بي، فحملها في هودج وجعل غشاءه حبراً مبطنا بعصب اليمن، ثم أحسن صحبتها. فحملها في هودج وجعل غشاءه حبراً مبطنا بعصب اليمن، ثم أحسن صحبتها. فلما قدمت على معاوية قال لها مرحباً وأهلا خير مقدم قدم وافد. كيف حالك يا خالة؟ وكيف رأيت مسيرك؟ قال خير مسير، كأني كنت ربيبة بيت أو طفلا ممهداً. قال بذلك أمرتهم فهل تعلمين لِمَ بعثت إليك؟ قال سبحانه أني لي بعلم ما لم أعلم؟ وهل يعلم ما في القلوب إلا الله؟ قال بعثت إليك أن أسألك: ألست راكبة الجمل الأحمر يوم صفين بين صفين، توقدين الحرب
وتحضين على القتال؟ فما حملك على ذلك؟ قالت يا أمير المؤمنين إنه قد مات الرأس وبُتر الذنب. والدهر ذو غَير، ومن تفكر أبصر، والأمر يحدث بعده الأمر. قال لها صدقت فهل تحفظين كلامك يوم صفين؟ قالت ما أحفظه. قال ولكني والله أحفظه! لله أبوك. لقد سمعتك تقولين: أيها الناس! إنكم في فتنة غشتكم جلابيب الظلم، وجارت