إذا عُدت سِمَات وصفات الجمال، فحسن المنطق أروعها وأبدعها وأملكها للأنفس، وآخذها بالقلوب. لأنّ معالم الجمال تستمدّ روعته من البدن وحده. فأما جمال الكلام فوسط عدل بين الروح والبدن.
وإذا عرفت المرأة في مختلف أطوارها بالإكثار من فضول القول، والإرسال من حواشيه، لتبلغ من نفوس جلسائها فإن المرأة العربية قد بلغت ذلك وتجاوزته بما ملك أسلوبها من دقة وبراعة، وسماحة رأي، وحسن بيان.
ولعل ذلك خير ما مكن لها من نفوس الرجال، ومهد من أسماعهم، ووطاء من قلوبهم.
لقد كانت المرأة العربية، وما تكاد تسامَى في ارتياد شعاب القول. وعَجْم أعواده وكشف فنونه وشؤونه، ودرك مواطن القوّة والضعف فيه، فاغتمرت حومه البيان قائلة ناقدة. فإن نقدت فنقد القائل الحكيم. أوقات فقول الناقد العليم. ولشَدَّ ما أخذت على فحول الرجال مواطن الزلل فيما ابتدعوه وتأنقوا فيه. ولها من دقة النقد، ولطف المأخذ، ونفاذ الإدراك وحسن البديهة، ما جعل لها في شتات مواقفها الرأي القاطع، والكلمة الفاصلة.
وستعلم من هذين الشاهدين بعد شأوها من دقة النقد، ونفاذ البديهية، وفي تاريخ العرب ما لا يناله العدّ من أمثالهما.
أما الأوّل، فما ما حدّثوا أنّ امرأ القيس، وعلقمة الفحل، تنازعا الشعر، فقال علقمة لصاحبه: قد حكمت بيني وبينك امرأتك أُمَّ جُنْدَب قال: قد