كانت المرأة الأعرابية قد فقدت في أخريات هذا العهد بيانها لعذب وأسلوبها البديع فلما أصاب الأعراب من التمزيق والشتات وما شملهم من الدعة والسكون، فلا مجامع تعقد ولا أسواق تقام ولا حروب تشب ولا غارات تثار، وقد كان لهم من هذه وتلك مجالات فساح يأتون فيها بالقصائد المفاضة، والأمثال المرسلة، والحكم الجامعة والخطب الطوال
[مأثور من أدب النساء]
قالت عليه بنت المهدي - وهو ما يتغنى به -:
مالي أرى الأبصار بي جافيه ... لم تلتفت مني إلى ناحية
لا ينظر الناس إلى المبتلى ... وإنما الناس مع العافية
صحبي سلوا ربكم العافية ... فقد دهتني بعدكم داهيه
صارَمَني من بعدكم سيدي ... فالعين من هجرانه باكيه
خرج المهدي يتنزه بعيسى باذ، وقدم هنالك النُّصيب ومعه ابنته حجناء، فدخل على المهدي وهي معه، فأنشدته قولها فيه:
رُبَّ عيش ولذة ونعيم ... وبهاء بِمُشْرِقِ الميدان
بسط الله فيه أبهى بساط ... من بهار وزاهر الحوذان
ثم من ناضر من العشب الأخ ... ضر تزهي شقائق النعمان