هي كوكب السحر في سماء العظائم، وآخر السُّوَرِ من كتاب العزائم، وهي زبيدة بنت جعفر، حفيدة المنصور، وزوج الرشيد، وأم الأمين.
نشأت زبيدة في مهد الدولة العباسية، فكانت مهبط الحب وموطن الرعاية من قلوب بني العباس، وأخصهم فحل أجمتهم وركن دولتهم أبو جعفر المنصور، فقد كان يؤثرها بقلبه ويختصها بحبه، وهو الذي دعاها زبيدة لما رأى من بَضاضتها ونعومتها وقد أظهر من إعزازها والمغالاة بها يوم زفها عمها المهدي إلى ابنه الرشيد ما لا يتسع له مجال الخيال.
فقد ألقي عليها من غوالي اللآلئ ما أثقلها وعاق سيرها. بل لقد نثر اللؤلؤ في جنبات طريقها على البسط الموشية بأسلاك الذهب.
وكان لها من قلب الرشيد حِمى لا يرام. وبرغم من تصديق له من جواري الفرس وما تأنقن فيه من حسن مخضوب، وجمال مجلوب، وما ابتدعنه من ضروب اللهو، وفنون الإيقاع، وما امتزن به من خلابة ودعابة - برغم ذلك كله لبثت زبيدة ربة القول الفصل في قلبه وقصره ودولته.
أما وفور فضلها، وسماح يدها وعظمة قلبها، ونفاذ لبها، ونبل خليقتها، وصفاء قريحتها، فمما سار مسار الأمثال، وذلك ميراث أمهاتها من عقائل قريس، وسلائل بني هاشم.
وحديث حجها، وما ابتنت فيه من عظائم، وقدمت من مكارم، حديث لا يدع لقائل قولا ولا لمفتخر سبيلا، فقد بلغ ما بذلت فيما نولت من بر وما