يا داري سلمى بنازح السَّنَد ... من الثنايا ومسقط اللَّبد
لما رأيت الديار قد درسَت ... أيقنت أ، النعيم لم يَعُد
فرق لها الرشيد وأمر بإطلاقها، فانصرفت.
ولدنانير كتاب في الغناء يعده أهل الفن أصلا من أصوله، ومرجعاً من مراجعه
[عريب]
وهي فتنة هذا العصر، وعقدة سحره، وملتقى بدائعه، ومجتمع نوادره، نشأت في دار جعفر بن يحيى البرمكي، وقيل إنها من إحدى جواريه، ثم جحد البرامكة نسبتها، وبيعت فيمن بيع من جواري جعفر بعد نكبة، ثم احتازها ثمانية من خلفاء هذه الدولة، أولهم الأمين، وآخرهم المعتز، وما منهم إلا من يعدها زينة قصره، وآية عصره، وإليها اجتمعت محاسن هذا الجيل، وفيها انتظمت مواهبهم، من حسن الحظ، وحلاوة شعر، وجمال صورة، وغاية ظرف، وجودة ضرب، ودقة غناء، وفيها يقزل غسحاق الموصلي ما رأيت امرأة أضرب من عريب، ولا أحسن صنعة، ولا أجمل وجها، ولا أخف روحاً، ولا أحسن خطاباً، ولا أسرع جواباً، ولا ألعب بالشطرنج والنرد، ولا أجمع لخصلة حسنة، لم أر مثلها في امرأة
غيرها، وإسحاق أمام أئمة هذا الفن، وشهادته لها مقطع الرأي وفصل الخطاب، وقد ذكر هذه الشهادة حماد بن إسحاق لقاضي يحيى بن أكثم فقال: صدق أبو محمد، هي كذلك، قال: أسمعتها، قال نعم هناك يعني في دار المأمون قال أفكانت كما ذكر أبو محمد في الحذق، قال يحيى: هذه المسألة الجواب فيها على أبيك هو أعلم بها مني.