عليكم عهد الله وميثاقه ألا تقربوه بسوء حتى تكلموه وتخرجوا. فوضع السلاح، فلم يكن إلا وضعه. ودخل عليه القوم يقدمهم محمد بن أبي بكر، فأخذ بلحيته، ودعوه باللقب فقال: أنا عبد الله وخليفته عثمان. فضربوه على رأسه ثلاث ضربات، وطعنوه في صدره ثلاث طعنات، وضربوه على مقدم العين فوق الأنف ضربة أسرعت
في العظم. فسقَطتُ عليه، وقد أثخنوه وبه حياة، وهم يريدون أن يقطعوا رأسه، فيذهبوا به، فأتتني ابنة شيبة بن ربيعة فألقت بنفسها معي، فوُطئنا وطئا شديداً، وعرينا من حُليّنا، وحرمة أمير المؤمنين أعظم، فقتلوا أمير المؤمنين مقهوراً على فراشه؟.
وقد أرسلت إليكم بثوبه عليه دمه، فإنه والله إن كان أثم من قتله، فما سَلم منم خذله. فانظر أين أنتم من الله وأنا أشتكي كل ما مسنا إلى الله عز وجل، وأستصرخ بصالحي عباده. فرحم الله عثمان، ولعن قتلته، وصرعهم في الدنيا مصارع الخزي والمذلة وشفي منهم الصدور.
ذلك هو الكتاب الذي اجتمع لسماعه خمسون ألف شيخ من شيوخ الشام يصيحون ويعجون بالبكاء تحت قميص عثمان، وأصابع نائلة، ويتقاسمون فيها بينهم ألا يمسوا غسلا حتى يقتلوا عليّاً، أو تفنى أرواحهم.
نصراء عليّ من النساء
وبرغم خصومة تينك المرأتين لعلي كرم الله وجهه، كان جنده أحفل الأجناد بذوات القول الفصل، والرأي الجزل من النساء، ولهن في صفين مقامات ومواقف، أشجت حلوق العدو وصكت أسماعهم، وروعت نفوسهم.