ونصركم على العدوّ؛ وأسْبغَ عَلَيْكمُ نعمه ظاهرةً وباطنةً. وأنشدكم الله وأذكركم حقه وحق خليفته أ، تنصروه بعزم الله عليكم؛ فإنه قال:(وإِنْ طائفِتَانِ مِنَ المُؤمِنين اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بِيْنَهُما فَإنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقاتِلُوا التيِ تَبْغْي
حَتى تَفيء إلَى أَمرِ اللهِ). فإن أمير المؤمنين بغي عليه؛ ولو لم يكن لعثمان عليكم إلا حق الولاية؛ لحق كل مسلم يرجو إمامته أن ينصره فكيف وقد علمتم قدمه في الإسلام: وحسن بلائه؛ وأنه أجاب الله؛ وصدّق كتابه؛ واتبع رسول؛ والله أعلم به إذا انتخبه فأعطاه شرف الدنيا، وشرف الآخرة. وإني أقصر عليكم خبره - إني شاهدة أمره كله: - إن أهل المدينة حصروه في داره وحرسوه ليلهم ونهارهم؛ قياماً على أبوابه بالسلاح؛ يمنعونه من كل شيء قدروا عليه حتى منعوه الماء؛ فمكث هو ومن معه خمسين ليلة؛ وأهل مصر قد أسندوا أمرهم إلى علي، ومحمد بن أبي بكر، وعمار بن ياسر، وطلحة، والزبير، فأمروهم بقتله! وكان معهم من القبائل خزاعة، وسعد بن بكر؛ وهذيل، وطوائف من جهينة؛ ومزينة؛ وأنباط يثرب. فهؤلاء كانوا أشد الناس عليه. ثم إنه حصر فرشق بالنبل والحجارة؛ فخرج ممن كان في الدار ثلاثة نفر معه. فأتاه الناس يصرخون إليه؛ ليأذن لهم في القتال؛ فنهاهم وأمرهم أن يردّوا إليهم نبلهم؛ فردّوها عليهم؛ فما زادهم ذلك في القتل إلا جرأة؛ وفي الأمر إلا أغراقاً؛ فأحرقوا باب الدار؛ ثم جاء نفر من أصحابه فقالوا إنّ ناساً يريدون أ، يأخذوا من الناس بالعدل، فاخرج إلى المسجد يأتوك. فانطلق فجلس فيه ساعة. وأسلحة القوم مصلتة عليه من كل ناحية. فقال: ما أرى اليوم أحداً يعدل! فدخل الدار. وكان معه نفر ليس على عامّتهم سلاح. فلبس درعه؛ وقال لأصحابه: لولا أنتم ما لبست اليوم درعي. فوثب عليه القوم، فكلمهم ابن الزبير، وأخذ عليهم ميثاقاً في صحيفة بعث بها إلى عثمان: