للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المرأة العربية في عامة حياتها]

[عملها]

الورهُ والخرق خلتان ينبو عنهما طبع الحرة الشريفة، فلا تطيقهما، ولا تحتمل أن توصم بهما.

فأما الورهاء فالهوجاء التي لا يتم لها عمل. وأما الخرقاء فالتي تدعى العمل ولا تحسنه. وهما بغيضتان إلى العرب جميعاً. وقديماً تحاموْهما وتواصَوا باجتنابهما مهما أوتيتا من بسطة الثراء. ودرجتا بين مهاد النعماءِ لأن الفراغ مدعاة الملل، والملل سبيل الفساد.

في سبيل ذلك يقول الحارث بن كعب المذْجحي لبنيه - وقد جمعهم بين يديه في آخر عهده بالحياة: - إياكم والورهاءَ، فإنها أدوأ الداء، وتجنبوا الخرقاء، فإن ولدها إلى أفن يكون.

إن امرأة واحدة من قريش عرف عنها الحزن فكانت تجتلب الصوف فتغزله ثم تنقض ما تغزله. وبرغم ما كان لها من سعة العيش ودعة الحياة اتخذها العرب مثلا سائراً. كلما رأوا رجلا رزق اليسار وحُرم حسن التصرف فيه قالوا: خرقاء وجدت صوفاً. وإليها أشاروا، وبها شبهوا. وهي التي جعلها الله جل ذكره مضرب المثل في ذلك فقال: ولا تكونوا كالتي نُقَضَت غَزْلها من بَعد قوة أنكاثاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>