للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن الرجال وحدهم هم المغرين للنساء باقتحام الآثام بل إن الجواري قلن في ذلك أشد مما قال الرجال وأغرين النساء بأكثر مما أغروا! ولو أن ذلك كله مما لا يستجيز القلم ذكره لأثبتناه منه ما يدل على باقيه.

[حلول الكارثة]

كذلك توالت النُّذُر المؤذِنة بانصباب الخطْب وهبوب العاصفة، وأي نفس تقدحها تلك المحن ولا تهن؟ وأي قلب تبلوه تلك الفتن ولا يميل؟ وأي عزم ترضخه تلك المآثم ولا يُفلّ؟ وأي ضمير تترهقه تلك المحارم ولا يأثم؟ زأي عين تأخذها تلك المخاويل ولا تطمح؟ وأي قدم تدفعها تلك المزالق ولا تزال؟ وكذلك حقت كلمة الله على الأمة المترففة أن يندفع نساؤها في تيار الزمن، وكان سبيلهن أن تبرجن كما تبرج الإماء، وتصدين للرجال كما تصدين، وبذلن من الزمام كما بذلن إلا قليلا منهن أمعنّ في الفرار فلزمن المنازل، واتخذن المسابح، وانقطعن إلى المحاريب، وكذلك كانت بلاد العراق مسارح للتبرج والتهتك ومعابد للتزهد والتنسك وفي كلا المواطنين فقدت المرأة أنوثتها التي تنهج لها سبيل الزوجية السعيدة والأمومة

الرشيدة، وكان للبيتين الكبيرين في هذا العهد - بيت العباسيين وبيت العلويين - أثر واضح في توجيه المرأة إلى ناحية من تينك الناحيتين.

[بيت بني العباس]

وكان المهدي أول ناشئ في مهاد الدعة وبين ظلال النعيم من بني العباس، وقد ترك له أبوه من ذخر المال ما لا يُنْفِذ سرف ولا يفنيه تلف فاتسع له بذلك مجال اللهو والترف ولقد علمت ما حدثتك ممن نفاذ جواريه إلى ذات نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>