لما توفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه قامت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه على قبره، فقالت:
نَضَّر الله وجهك، وشكر لك صالح سعيك، فلقد كنت للدنيا مُذلاًّّ بإدبارك عنها، وللآخرة معزا بإقبالك عليها، وإن كان لأَجَل الأرزاء بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رُزْؤُك، واكثر المصائب فقدك، وإن كتاب الله ليعد بجميل العزاء فيك، وحسن العوض منك فأَتنجَّزُ من الله فيك، بالصبر عنك، وأستخلصه بالاستغفار لك.
توفي الأحنف في دار عبد الله بن أبي العُصَيِفر بالكوفة، وكان مُصعب بن الزبير إذ ذاك أميراً على الكوفة من قِبَل أخيه عبد الله بن الزبير، فشيع مصعب جنازة
الأحنف فخرج مُتَسَلَبا في قميص بغير رداء - وكانت الأمراء تفعل ذلك بالسيد إذا مات - فلما دفن الأحنف أقبلت صفية بنت هشام الِمنقرية على نجيب لها متحضرة وكانت بنت عم الأحنف حتى وقفت على قبره فقالت:
لله دَرُّك من مُجَنٍّ ومدرج في كفن، إنا للهِ وإنا إليه راجِعون جعل الله سبيل الخير سبيلك، ودليل الرشد دليلك. أما والذي أسأله أن يفسح لك في مدخلك، وأن يبارك لك في محشرك، ووالذي كنت من أجله في عدّة، ومن كتابه في مدة، ومن الأثرة إلى نهاية، ومن المضمار إلى غاية، لقد كنت صحيح