لا تجد قوما أبعد مدى في الضلال، ولا أقصر يداً عن الحقيقة، من أناس أجازوا لأنفسهم الحكم على الإسلام وليسوا منه في قليل ولا كثير، أولئك قوم من عامّة كتاب الفرنج. إذا كتبوا عن النساء في الإسلام زعموهنّ قعائد بيوت لا رأي يبديه، ولا نصيب من الحرّية يعتززن به. وتلك إحدى سخائم أنفسهم ونزعات أهوائهم، تنكشف كل يوم عن ذلك الإيقاع المبتذل، والأسلوب المرذول. فأمّا الدليل. . . فلا دليل!.
ما شرع الإسلام للمرأة أن تكون رهينة البيت، أو سجينته. بل هي رَبَتُهُ، والقائمة بأمره، والمسؤولة عنه. يعاونها الرجل فيه، وتعاونه هي فيما سواه. وقد أسلفنا القول في ذلك، ولعلنا عائدون إليه في تفاريق هذا الكتاب إن شاء الله.
أما حريتها، وحرمة رأيها، فلهما في الإسلام مظهران لا تطمع المرأة إلى أعز وأسمى منهما: هما حرّية الزواج، وحرية المجالس والمحافل تغشاها، وتظهر رأيها فيها.
أما أمر الزواج فذلك شأنها وحقها. وليس لأحد أن يغصبها فيه رأيها أو يعدُو إذنها. وحرّيتها فيه أبعد مدى، وأتم شأنا من الرجل. فهو إذا عقد عليها، ثم لم يَرْضَها، فتركها قبل أن يبني بها، نزل عن نصف مهرها لها، وإن تركها بعد ذلك فلها المهر كاملا. وليس له أن يقول هي دوني نسبا أو منزلة، فكل النساء أكفاء للرجل، وليس كل الرجال أكفاء للمرأة.
أما هي فلها أن تفصم عقدة الزواج إذا خدِعت فيه، أو أكرهت عليه، مهما أتفق في سبيلها. وليس لامرئ أن يقودها قسراً إلى من لا تريد. فلقد فصم