أضرف ما كان إذا ما صحا ... وأملح الناس إذا ما انتشى
وقد بنى برج حمام له ... أرسل فيه طائراً مُرْعَشا
يا ليتني كنت حماماً له ... أو باشقاً يفعل بي ما يشا
لو لبس القوهيّ من رقة ... أوجعه القوهي أو خدّشا
وحسبنا أن نقف بالقلم عند هذا الحدّ ونكتفي منه بأن نقول إن نساء بيت بني العباس قد أخذن مآخذ الرجال من السرف والاندفاع، وما نريد أن نقول إنهن تجاوزن المرح والدعابة إلى ما وراءهما من العبث والفساد. وإذا زلت هنالك قد أو طمحت عين أو لَفَظ لسان، فإنّ لا يصدع البيت، ولا يئلم الأسرة إلا أن يقال إن ترف الحضارة ورونق النعيم، قد رفعا عن تلك البيئة كلفة الدين وخلعا عنها عذار الوقار.
[بيت العلويين]
أما نساء هذا البيت فقد عكفن على التبتل وأنِسْن بالوحشة وانقطعن عن الناس. وما ظنك بامرأة لا تنتقل من فاجعة إلا إلى فاجعة، ولا نصير من نازلة إلا إلى نازبة، قد رضّ الحديد عظام أهلها، ونهلت السيوف من دمائهم، وراح وحش الفلا بأشلائهم، وكأن بينهم وبين كل دولة ثأراً لا تسكن نأمته، ولا تروي غلته حتى لقد استجاز قُسَماؤهم وبنو عمهم أن يقودوا الطفل من ملعبه إلى مذبحه، وإليك فاسمع إحدى حوادثهم.
قال الطبري: ذكر أبو يعقوب بن سليمان، قال: حدذثني حميدة العطارة - عطارة أبي جعفر - قالت: لما عزم أبو جعفر المنصور على الحج دعا رَيْطة بنت أبي العباس امرأة المهدي - وكان المهدي بالري قبل شخوص أبي جعفر - فأوصاها بما أراد وعهد إليها ودفع إليها مفاتيح الخزائن وتقدّم إليها وأحلفها ووكد