إذا كانت المرأة العربية في عهد جاهليتها قد خضعت لدين، فإنما ذلك دين مضطرب لا أثر له، ولا خير فيه.
وإن هي نزعت خلق فاضل، وخليقة كريمة، عَلقَتْ بهما شوائب الجهل، وفوضى الجماعة، فقنعت في بعض المواطن بجمالها، وجاوزت بهما قصد السبيل.
وإن هي أفاضت على القوم روح الحمية، وحب التضحية، ووحي القول، وجمال الخيال فقد كان لهم من وجودها، ونفاذ قولها، حروب فرقت جماعتهم بلاءهم، ومزقت أوصالهم.
وإن هي جاذبت الرجل حبل العمل، وساجلته جد الحياة، فقد احتملت من العبء أثقاله، ونالت من النصيب أقلة. وربما تناولتها المصائب من كل جانب، فلا تجد من حسن العزاء ما يطمئن بمثله ذوات الدين من النساء.
لذلك كله كانت المرأة العربية أحوج ما تكون إلى دين سمح متين، يعمد إلى تلك الفضائل المودعة فيجلو صدأها، ويثير كامنها، وينهج بها الخير كله، ويَجَنُبهَا مداحض الزلل وعثرات الطريق.
لقد هيأ الإسلام للمرأة الوسائل. ورفعها إلى أبعد مما يطمح خيالها، ويصبو أملها، وساق لها من آي الذكر الحكيم، ما بهر سناه بصرها، وما ملكت محجته نفسها، واستقادت بلاغته وحسن مساقه قلبها، وأنصتت لما وصف به