بالقول إلى عمه العظيم الكريم أبي طالب بن عبد المطلب، فرضيه، وأقرّه عليه، ولما استقر لخديجة من نُبْل اُلخلُق، وسناء الحياة.
غدا الرسول على خديجة بالرضا، وبان القوم غادون في أثره، فأرسلت في آلها ورجال أسرتها، واستأذنت عمها، فأذن لها، وقال: هو الفحل لا يقرع أنفه. ثم
نهضت إليه، فحلفته بالعبير، وكسته بردى حبرة حمراء، وأقبل القوم من بني هاشم، وفيهم كريم فتيانهم، ونجيب عشيرتهم، محمد بن عبد الله، فنزلوا من بني أكرم منزل وأسناه وهنالك تداول الخطابة أبو طالب بن عبد الله سيد قريش وإمامها، وورقة بن نوفل - ابن عمّ خديجة - حَبر قريش وعالمها. ولما انتهى القائلان نحر محمد - صوات الله عليه - جَزورين. وأمرت خديجة نساءها فرقصن وغنين. وإليك نص الخطابتين: -
[خطبة أبي طالب]
الحمد الله الذي جعلنا ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وضِئضِىء مَعَد، وعنصر مُضر. وجعلنا حَضَنَة بيتهبيته، وسُوَّاس حرمه، وجعل لنا بيتاً محجوجاً، وحرما آمنا وجعلنا حكام الناس. ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله، لا يوزن به رجل إلا رجح به شرفا ونُبلا، وفضلا وعقلا. وإن كان في المال قُل، فإن المال ظل زائل، وأمر حائل، ورعايّةٌ مسترجعة. وهو والله بَعْدُ له نبأ عظيم، وخطر جليل. وقد رغبت إليكم، رغبة في كريمتكم خديجة. وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثنتا عشرة أوقية ونَشا.