للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن حديث الفضل بن العباس الهاشمي أن المتوكل خرج متوكئاً على جاريتيه فضل وبنان، فقال لهما أجيزا قول الشاعر:

تعلمت أسباب الرضا خوف سخطه ... وعلمه حبي له كيف يغضب

فقالت فضل:

تصد وأدنو بالمودة جاهداً ... ويبعد عني بالوصل وأقرب

وقالت بنان:

وعندي له العتبى على كل حالة ... فما منه لي وما منه مذهب

وكانت فضل على بعد مرامها في الشعر بعيدة الغاية في النثر، ومما قاله إبراهيم ابن المهدي فيها: كانت فضل الشاعرة من أحسن خلق الله خطا، وأفصحهم كلاماً وأبلغهم في مخاطبة، وأثبتهم في محاورة، قلت يوماً لسعيد بن حميد: أضنك يا أبا عثمان تكتب لفضل رقاعها، وتقيدها وتخرجها؛ فقد أخذت نحوك في الكلام وسلكت سبيلك، فقال لي وهو يضحك، ما أخيب ظنك! ليتها تسلم مني لأخذ كلامها ورسائلها والله يا أخي لو أخذ أفضل الكتاب وأماثلهم عنها لما استغنوا عن ذلك.

وبعد فكان أن نستوفي القول عن هذه الجارية ونبين ما لها على الأدب العربي من فضل وجميل، لولا أن المقام لا يتسع لأكثر من ذلك، ولعلنا نوفيها القول فيما نكتبه عن أدب النساء في كتاب خاص.

[محبوبة]

وهي من نظائر فضل في نشأتها وتربيتها وإهدائها إلى المتوكل، فالبصرة نشأت وفيها تخرجت، وكانت أجمل من فضل وجها وأعلى نفساً وأشبه بها في رقة طبعها وعذوبة لفظها وحضور خاطرها وقوة ارتجالها وإن وقعت دون غايتها في ذلك كله.

<<  <  ج: ص:  >  >>