الصبر ينقص والسَّقام يزيد ... والدار دانية وأنت بعيد
أشكوك أم أشكوك إليك فإنه ... لا يستطيع سواهما المجهود
ومن ذا الذي يستمع قولها في المتوكل يتغنى به:
إن من يملك رقي ... مالك رق الرقاب
لم يكن يا أحسن العا ... لم هذا في حسابي
ثم لا تميد به النشوة ويستخفه الطرب.
وهل يحسن البحتري وأشباه البحتري أن يقولوا خيراً مما تقول فضل:
لأكتمن الذي بالقلب من حُرَق ... حتى أموت ولم يعلم به الناس
ولا يقال شكا من كان يعشقه ... إن الشكاة لمن تهوى هي الياس
ولا أبوح بشيء من كنت أكتمه ... عند الجلوس إذا ما دارت الكاس
وانظر إلى استراضة الشعر لها، وانسياغه على لسانها يوم أهديت إلى المتوكل فقال لها أشاعرة أنت؟ فقالت كذا زعم من باعني واشتراني، فضحك وقال أنشدينا من شعرك، فقالت:
استقبل المَلكَ إمام الهدى ... عام ثلاث وثلاثينا
خلافة أفضت إلى جعفر ... وهو ابن سبع بعد عشرينا
إنا لنرجو يا إمام الهدى ... أن تملك الناس ثمانينا
لا قدّس الله امرأ لم يقل ... عند دعائي لك آمينا
وكانت فضل مضرب المثل في حسن البديهة وقوة الارتجال.
ومما حدث ابن طاهر أن بعض الشعراء ألقى عليها قوله:
ومستفتح باب البلاء بنظرة ... تزود منها قلبه حسرة الدهر
فقالت مسرعة:
فوالله ما يدري بما جنت ... على قلبه أم أهلكته وما تدري