وقد أعطى القوم رسول الله ذمتهم أن يذودوا عنه ذيادهم عن أعراضهم. وأعطاهم ذمته ألا يعود فيقيم مع قومه؛ إذا دانت له أرضهم، وقرت لحكمه نواصيهم.
فهل رأيت مثلا أدل على سموه المرأة؛ وعظم منزلتها؛ ورعاية حقها مما ترى؟ عهد سياسي حربي أسدل عليه ستر من السر، وألقى دونه حجاب من الليل أترى القوم أنفوا أن يكون للمرأة فيه شأن؟ ولم لا يكون لها ذلك الشأن وتلك مواقفها ومشاهدها ملء المسامع والأبصار؟
وقد علمت في جملة ما مر بك أن رسول الله يوم وافي المدينة، بسط يده للنساء فبايعهن. كما بسطها للرجال فبايعهم.
من ذلك كله تعلم أن الهجرة بيد المرأة مهدت واختمرت، وعلى يدها تكونت وتكاملت؛ وبرأيها وعزمها أثمرت وأينعت.
-
[حديث الخلافة]
[أو المرأة المسلمة بين الحرب والسياسة]
ما زال المسلمون منذ لحق النبي بربه وهم من أمر خليفته؛ والقائم بالأمر بعده؛ في فتنة غاشية؛ تعصف بهم تارة وتقرّ؛ رابضة مترصدة متحفزة تارة أخرى؛ فهي يومئذ غافية غفوة الذئب، نائمة هاجعة، ساكنة مستجمعة.