تصدت المرأة لفنون العلم وشئون الأدب جميعاً وأمعنت في كل ذلك إمعاناً أعيا على الرجل دركه في مواطن كثيرة.
وبرغم ما مهد للرجل من مشاكل المسائل، وهيئ له من وسائل الكشف والاستنباط فقد كان للمرأة - على لحاقها بالرجل في كل ما أسلفناه - مظهر خلقي كريم في العلم والتهليم.
أجل لقد امتازت العالمة المسلمة بالصدق في العلم، والأمانة في الرواية والحيدة عن مواقع التهم ومساقط الظُّن مما لم يوفق إليه كثيرون من الرجال.
ومعاذ الله أن نقول ذلك محاباة أو مشايعة لموضوع كتابنا. فنحن أولاء ضاربون لك مثلا من إقرار عظماء بما نقول:
الحافظ الذهبي المتوفى سنة ثماني وأربعين وسبعمائة ثقة من ثقات المسلمين وعظيم من عظماء المحدّثين ألف كتابه ميزان الاعتدال في نقد رجال الحديث خرّج فيه أربعة آلاف متهم من المحدثين، ثم اتبع قوله بتلك الجملة التي كتبها بخطه الواضح وقلمه العريض فقال وما علمت من النساء من اُّتهمت ولا من تركوها ولعل قائلا يقول: وما للنساء ورواية الحديث؟ وهل تركهن الذهبي إلا من قلة أو ذلة؟
ونقول نحن إن حديث رسول الله منذ عهد عائشة أم المؤمنين حتى عهد الذهبي ما
حفظ ولا روي بمثل ما حفظ في قلوب النساء وروى على ألسنتهن.