للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الجمال]

وأول تلك الوسائل الجمال، وأنت تعلم أن العرب فتحوا بلادا ليس لبلادهم شيء صفاء جوّها، ولا رخاء عيشها، ولا اعتدال إقليمها، ولا رقة نسيمها، ولا انسجام نعيمها، ولا ابتسام زهرها، ولا ازدهاء شجرها، فما يمنع نساءها أن يكون على سواء أولئك صفاء وبهاء، وجمالا واعتدالا؟ وقد احتوى الجميع بلد واحد وغذتهنّ طبيعة واحدة ونفحتهن نسمة واحدة.

وكان من أيسر الأمور أن يطلب الجمال المطلق في واحدة فإن لم يكن ففي جماعة وهنّ من كثرة العد واختلاف النوع على مثال ما رأيت.

[التجمل]

وربما كان أفتن للعقول من الجمال، وأسبى منه للنفوس أن تحسن المرأة التجمل في زينتها وزينتها، وحديثها وإشارتها، وعبثها ودعابتها ودلها وخلاعتها، وجلوسها ومشيتها فتلك ضروب من الجمال لا يستوي النساء في تنسيقها ولا تأليفها. وربما أخرجتها المرأة في غير مُخرجها فأسأمت كل نفس وثقلت على كل روح، وقد تسيب بها مواضعها فتكون أمضى من الجمال سلاحا، وأعظم منه كبدا؛ والمرأة الفارسية أقدر نساء الشرق القديم على استلاب قلوب الرجال. ولقد شاء القدر أن تصارع المرأة الأجنبية ما في الرجل العربي من بداوة وحمية وعصبية فما زالت تفوق إليها من سهام الحسن المجلوب والجمال المخضوب ما مزق قوتها وأطفأ جمرتها. ولقد لذ هذا الصراع لبنات الفرس حتى الحرائر اللواتي لم يكتب عليهن رق ولم يفرض فيهن حق فكن يتزين بزي الجواري ويدلفن إلى سوقهن!! وعليهن الأوشحة والعصائب والأكاليل والتيجان، وبأيديهن المراوح وقد كتب على

<<  <  ج: ص:  >  >>