وكان كلما أراد الوثوب إلى أمانيه سرها بأمنية حتى لقد بنى لها مرة بيتاً من الفضة لم ير الراءون مثله.
[شعر الملوك في الجواري]
وجاء سليمان بن المستعين الخليفة الأموي فاتبع خلفاء بني العباس وأذاع شعره تغزلا وتبذلا في جواريه، مما تغنى به المغنون في عواصم الأندلس.
ومن قوله يعارض في أبياته التي أولها ملك الثلاث الآنسات عناني:
عجباً يهاب الليث حدّ سناني ... وأهابُ لحظَ فواتر الأجفان
وأقارع الأهوال لا متهيباً ... منها سوى الإعراض والهجران
وتملكت قلبي ثلاث كالدمى ... زهر الوجوه نواعم الأبدان
ككواكب الظلماء لْحُنَ لناظر ... من فوق أغصان على كثبان
هذي الهلال وتلك بنت المشتري ... حسنا وهذي أخت غصن البان
حاكمت فيهنّ السلو إلى الصبي ... فقضى بسلطان على سلطان
فأبحن من قلبي الحمى وثنينني ... في عز ملكي كالأسير العاني
لا تعذلوا ملكا تذلل للهوى ... ذل الهوى ملك وعز ثان
ما ضر أني عبدهن صبابة ... وبنو الزمان وهن من عبداني
إن لم أطلع فيهن سلطان الهوى ... كلفا بهن فلست من مروان
ومن العجب أنك لا ترى عشاق الجواري مهما عز جانبهم وتسامت منازلهم إلا أرقاء في ألفاظهم، أذلاء في مشاعرهم، ضعفاء في ألفاظهم يتوسلون إلى جواريهم
بالذل ويقدمون إليهم أعناقهم للرق ولا ترى ذلك في شعر من أضناه حب الحرائر من بنات العرب، بل إنه لا يتقدم إليهنّ إلا بغُرّ مآثره وعُظم مفاخره.