ولقد حدّثتك حديث الخلق النسوي في هذا العصر وانه بقي في جملته مستمسكا مستقيما وإن كانت عوامل الضعف لبثت تغالبه من كل جانب وتحيط به من كل سبيل.
ومهَّد انقسام الأندلس وقيام ملوك الطوائف للعدوّ المترصد سبيل الظفر بالمنقسمين، وبدأت النازلة الفادحة والخطب الجلل يهويان على البلاد في أخريات هذا القرن منذ استباح الأذفونش طليطلة من صاحبها ابن ذي عام ٤٧٨، ومن هنالك أخذ العدوّ المتغلب يجدّ في شططه وأخذ سلك البلاد ينتشر من وسَطَه كما قال الشاعر ابن العسال:
حثوا رواحلكم يا أهل أندلس ... فما المقام بها إلا من الغلط
السلك ينثر من أَطرافه وأرى ... سلك الجزيرة منثوراً من الوسط
من جاور الشر لا يأمن عواقبه ... كيف المقام مع الحيَّات في سفط
وكذلك بدأت دعائم الخلق تهتز وأنشأ صرح الحياة يمبد.