للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفاؤل والتطير]

المرأة العربية كمن سواها من الناس، إذا اعتزمت أمراً، أو صَبَت إلى مطلوب كان أكبرهمها أن تعرف مآله من الخير والشر، وتكشف عن نصيبه من العسر واليسر. لذلك عنيت في عامة أمرها أن تطالع ما تستقبله من مظاهر الكون فإن كان ممن خُيَّلَ لها أنه بادرة الخير، وطليعة التوفيق، ومضت في عملها آمنة مؤمنة مطمئنة، وإن مُنيت بما راعت نبْأَته وساءت طلْعته، رجف قلبها وانبعثت ريبتها، واستشعرت الهيبة من الخيبة.

وهي في ذلك قسيمة الرجل لما اجتمع عليهما من غلبة المشاعر، وانفساح مدى الخيال.

والعرب أمة لغة وبيان. يَكْلفون باللفظ ويستأسرون لديباجة الكلام. لذلك كان أول ما يأخذهم من الشيء اسمه، وما ينيء عنه اشتقاقه من خير أو شر؛ ثم ما ينم عنه صوته ومنظره، ثم مواطنه التي يهبط إليها، ويغلب عليها إن كان مما يألف الرياض الحالية، أو الطلول البالية، والرسوم العافية.

ومما ينبئك عن موقع الأسماء من نفوسهم، ومبلغ أثرها في مشاعرهم، قول بَشَّار ابن المُضَرَّب.

تغنى الطائران بِبَين ليلى ... على غصنين من غرَب وبان

فكان البانُ أن بانت سُلَيمى ... وفي الغَربَ اغتراب غير دان

فانظر كيف أخذ الغربة من الغرب! والبين من البان؟

<<  <  ج: ص:  >  >>