اعتدادهم بمواسمهم وأعيادهم. فإن العرب على ما تعلم أمّة حرب وجلاد، وهم لا يزالون في وقائع تُبَهَّرِج دماءهم، وتعتصر مهجات نفوسهم حتى يخطب القبيلة إلى القبيلة فتتخذا من تعاطف الأرحام، تعاطفاً في القلوب، وأسواً للجروح، وأمته من الحادثات.
وأخرى أنّ العرب إذا أكبروا أمر الزواج فإنما يكبرون ما تنحسر عنه النساء من الأبناء، وهم عُدَّة الحي، وغاب الحمى، وعز العشيرة.
[مناحتها]
لنساء العرب مظاهر من الوفاء كلها حسن جميل إلا ما تَعَسَّفته الثواكل منهنّ مناحاتهنّ ومَهاجات أحزابهن من توَرُّط في الجزع وإسراف في البلاء.
والمرأة العربية أحمل الناس لنازلة وأصبرهم على مُلمة، إلا إذا انتزع الموت منها أليفاً حميماً أو عزيزاً عظيماً. فهي تسير في شعاب من الأحزان طَلْقَة العنان بل إنها لتضاعف أحزانها، وتورث ضرام جشاها، بما تنهجه يومذاك من خطة وتشتمل عليه من عادة.
على أن نساءَ العرب في مواقف الحزن طبقات بعضها فوق بعض. فهنالك الُمتجَمَّلة المؤتزرة بالصبر، التي تشتفي بالبكاء، وتكتفي بالرثاء. ثم تأتي بعد هذه الصالقة والشاقة والحالقة.
فالصالقة التي ترتفع صوتها وتدعو بدعوى الجاهلية كأن تقول في ندبة ولدها واولداه، وواكبداه، وفي كبيرها: واجبلاه، أو واعضداه.