والشاقة التي تُنحي على جيب جلبابها شقاً وتمزيقاً. وبذلك أوصى طرفة أخته بقوله:
إذا مت فاْنعَيني بما أنا أهله ... وشقي علىَّ الجيب يا ابنة معبد
والحالقة التي تحلق شعرها فلا تبقى على بقية منه.
وأولئك اللواتي لعنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبريء منهن
ومنهن التي في يديها نعلين تصفق بهما وجهها وصدرها، وإلى هذه يشير عبد مناف ابن رِبع الهْذَلي في قوله.
يَريع قَلْبَ ابنتيْ رِبْعٍ عويلُهُما ... لا تَرْقُدان ولا يُؤْسَى لَمن رقدا
كِلتاهما أُبطنَتْ أحشاؤهها تَصَبَا ... من بطن حَلْبة لا رَطْباً ولا نقِدا
إذا تأَوَّب نَوْح قامتا معه ... ضرباً أليماً بِسبْتٍ يَلْعَجُ الجِلدا
كل ذلك أو بعضه مما يفزع إليه الغاليات اللواتي اهتاجهن الحزن فأسرفن على أنفسهن. فأما ذوات الرأي الجزل والحسب الكريم فهو عندهن مأثمة يأبين أن يقارقنها ويهبطن إليها، على رغم ما يعالجن من حُرق وأحزان. وتلك هي الخنساء وما ضرب به المثل من تدلهها، وتصدع قلبها، واضطرام حشاها، لم ينزل به الهلع إلى منازل أولئك المسرفات. فلم تحلق شعراً، ولم تضرب صدراً، وذلك حيث تقول في رثاء أخيها معاوية: