تتصل رقيقة برسول الله في هاشم بن عبد مناف. فهو جدها وجد أبيه وكانت أسن من عمها عبد المطلب. فإذا أدركها الإسلام كانت قد تطاول عليها القِدم، وجاوزت حد الهَرَم.
تلك هي المرأة التي استَشَفَّت خبر قريش يوم ائتمروا بالنبي ليقتلوه ليلا في كسر داره. فذهبت تدرج حتى انتهت إلى رسول الله، فحذرته مبينه في داره، وأشارت عليه بالنقلة أُلفته، ومهبط نبوّته، ومرتقى مناجاته وعبادته إلى دار هجرته، وموطن أنصاره وشيعته. واتخذ صاحبه الصديق رضي الله عنه رفيقاً له، وتَرَك ربيبه وابن عمه عليا عليه السلام. فنام على فراشه، وتسجى ببردته، وشغل بنومه جماعة المتآمرين المترصدين المتهامسين على رسول الله، الضاربين النطاق حول داره عن تأثره، واغتياله في عرض الطريق.
ولعل هنالك من يقول: وأي عظمة تجدها في امرأة سمعت خبراً فألقته كما سمعته؟ ذلك قول من لم يستبطن الأمر، ويتبين دخيلته. فإن فئة قليلة العدد خطيرة
الغرض؟ من هامات القوم، وأشد فتيانهم، بيتوا أمرهم، واحتجزوا خبرهم عن بقيتهم، والممالئين لهم، وتعاقدوا وتعاهدوا وتحالفوا ألا يذيعوه، حتى يمضوه فئة ذلك شأنها، وتلك غايتها، ليس بالهين كشف أمرها، والوقوف على ذوات نفوسها، واستنقاذ رسول الله من كيدها، وشر غائلتها.