أما الأول فمداه مائتا عام، وربما أربى على ذلك قليلا. وفي ذلك العهد لم تقصر عن اللحاق بالرجل في بعض نواحي العلم والفن وأن لم يؤثر لها فيهما شيء كثير، فقد أسلفت لك شيئاً مما ذاع من دور الخلافة من شعر النساء وغناء النساء، وما أثر عن نساء العلويين من دراسة علوم الدين، وكذلك ظهر من النساء من تعلمن الطب ودرسن الفلسفة، ومن هؤلاء من جذبن الملحدين أسباب الزيغ والإلحاد وجهرن بذلك كله، وقد تحدث الطبري عن نساء أقررن بالزندقة بين يدي المهدي حين سلط سيفه عن الزنادقة. ومما أقر بها هنالك فاطمة بنت يعقوب ابن الفضل وخديجة امرأته وهما من بيت المهدي ولحمته. وظهر كذلك من درسن كتبها وأقررن بها بين يدي المأمون، ولعل هذا الدور الأول من العهد العباسي أول عهد للناس ظهرت فيه المرأة قاضية تحكم بين الناس باسم الخليفة أمير المؤمنين، وكان ذلك في عهد الخليفة المقتدر وكان مرجع الأمر حينذاك إلى امرأتين: السيدة والدة المقتدر وأم موسى القهرمانه، وكان لهما الرأي الأعلى في ما دق وجل من أر الخلافة وشئون الحكم، فقد عرض للسيدة أم المقتدر أن تروض النساء على القضاء فاختارت قهرمانة لها تدعى مثل وأمرتها أن تجلس بالرصافة للمظالم وتنظر في كتب الناس يوماً في كل أسبوع قال الصابي: فلما رأى الناس ذلك أنكروه واستبشعوه وكثر عيبهم له والطعن فيه، وجلست أول يوم فلم يكن لها فيه طائل ثم جلست في اليوم الثاني وأحضرت القاضي أبو الحسن فحسن أمرها وأصلح عليها