وخرجت التوقيعات على سداد فانتفع بذلك المظلومون وسكن النساء إلى ما كانوا قد نفروا منه من صدارتها للقضاء ونظرها في المظالم.
لم يكن إذاً ذلك العهد من حياة المرأة عهد جهالة فاشية ولا تفكير مضطرب ولكنه كان عهد اضطراب في الخلق والتياث في السير وانحراف عن قصد السبيل
وخروج عن سنة المرأة وواجبها الذي ناطه الله بها ووكلها به ومن خلق الرجل أن يندفع في لهوه ما شاء أن يندفع، فإذا تأثرت المرأة به - وحق لها أن تتأثر - لها عنها حتى يفيق، فإن أفاق وكان هناك سبيل غلى ردها عن غايتها دفعها بكلتا يديه وحملها وحدها عاقبة ما آل إليه أمره وأمرها من شر ووبال، ثم لا يزال يسلب منها كل يوم حقا ويحملها كل آن مغرماً حتى تصبح هملا من الإهمال، أما إذا طال الأمد على اندفاعها وطال إغضاء الرجل عنها حتى يسترخي عنانها وتستحيل طبيعتها ويصلب على تلك الحال فإن من أعسر الأمور أن يغلبها الرجل على أمرها ويردها عن غايتها. ومهما بدا من الرجل والمرأة من ضروب الرفق والود والمحانة والملاينة فإن بينهما صراعاً قد لا يحاسنه ولا يأبهان به. وغايته انتزاع كليهما ما شاء من حق صاحبه، ولقد ينزل أحدهما لصاحبه عن بعض حقه أو كله تجملا وتفضلا. فإذا أراد أن يسترده يوماً لا يجد السبيل إليه، ثم ينتهي هذا التجمل والتفضل إلى استرخاء واستخذاء وتسليم واستسلام، وقل من الفريقين من يرضى ببعض الغلبة على غريمة، بل لا يزال يقلم منه كل يوم ظفراً ويطوقه طوقاً حتى يجعل حياته لغواً ووجوده عدماً ويعد ذلك بعض حقه الذي لا يدفع عنه أو ينازع فيه.
ونعود إلى المرأة العراقية في الدولة العباسية فنقول: إنها تنكبت الطريق وجاوزت النهج ولكن الرجل لم يمهلها حتى يكون خروجها طبعاً مألوفاً ودستوراً نافذاً وشريعة موضوعة بل عاجلها دون الغاية وردها قبل القرار، ولا يكفي قرن