وسلمى بنت عمرو زيد النجارية وهي أم عبد المطلب بن هشام، إذا تزوجت الواحدة منهن رجلاً وأصبحت عنده كان أمرها إليها، وتكون علامة ارتضائها أن تعالج طعاماً إذا أصبح.
على أن من النساء من تناسين هذا الحق فنزلن عنه حياء لأزواجهن. ولكن الرجال بغوا في ذلك وأسرفوا حتى أن الرجل ليموت فيقول وليّه - وربما كان أخاه أو ابن عمه: - أنا أحق بامرأته. فينقلها إلى داره، ثم إن شاء استبقاها لنفسه، وإن شاء زوجها وذهب بمهرها! ذلك ما نهى الإسلام عنه وقطع أسباب الأخذ به.
[كرامتها على زوجها]
هنالك فيما أوردنا من حديث القوم. وأسلفنا من مساق أشعارهم، وشتات آرائهم علمت مكان المرأة من زوجها، واستمكانها من نفسه، واحتكامها بذات يده واستئثارها بالصميم من قلبه. ورأيت كيف حرصه عليها. واحتفاظه بها، ووفاؤه لها، وتفديته إياها بالتالد والطريف من ماله والحر الشريف من دمه. لقد كان العربي يعتد زوجه العشير الأدنى، والمشير الأمين، وكان يُطرق لقولها، ويطمئن
إلى رأيها، ويسكن دون الصفيّ العذب من لفظها، وكان عزيزاً عليه أن تطلب فلا تجاب، أو تشفع فلا تُشَفَّع.
ولقد كان من أمر عمرو بن حُجر يوم خطب غلى عوف بن مُلحم ابنته أن أمهرها ضيعة له في كندة. وأضاف إلى ذلك أن يمنحها حاجات قومها فلا تُرَدُّ لأحد منهم حاجة، وكان ذلك شرطاً معقوداً.