وأصبح أولئك الشعراء يعدون الإغراق في الحجاب فضلا ومحمدة حتى البنات الصغيرات وانظر إلى الشريف الرضي كيف أراد أن يرثي صغيرة من هؤلاء فقال:
يا أرض ما الدَّرء في شخص عصفت به ... بين الأقارب والعود والخول
أردت أن تحجب البيداء طلعته ... ألم يكن قبل محجوبا عن المقل؟
إذاً فقد كتب على المرأة الشريفة في هذا العهد أن توأَد في الحجاب وتظل فيه حتى تموت.
ومن بعد القرن الخامس غابت المرأة العراقية في الخفاء حتى عن التاريخ، فأصبح لا يهتم بها ولا يذكرها بخير ولا شر
[محنة المرأة في فتنة القرامطة]
[فرقة الإباحة]
القرامطة فريق من غلاة الباطنية، ولهؤلاء الباطنية حديث طويل يجب أن نجمله إجمالا ثم نأخذ فيما قصدنا له.
لقد ظهر مذهب الباطنية في القرن الثالث، والدعاة إليه قوم من أهل فارس أرادوا أن يوهنوا العرب في دينهم كما أوهنوهم في قوميتهم، ولهؤلاء القوم في دعوتهم حذق ورفق فلم يهاجموا الإسلام طعنا وتجريحا كما كان يفعل دعاة الأديان حين يدعون المسلمين إلى أديانهم، بل ظهروا للناس مسلمين لا يعدلون عن الإسلام إلى سواه، ثم تأولوا كل حقيقة من حقائقه وكل شعيرة من شعائره، فتأولوا الملائكة والعرش واللوح المحفوظ والبعث والجنة والنار إلى معان بعيدة لا ظواهر لها، حتى ذات الخالق عز وجل تأولوها إلى قوى الطبيعة، وتأولوا كذلك الصلاة والصيام