والحج إلى ما ليس من شأنها، وذهبوا يتصلون بنفوس العامة اتصالا بارعاً دقيقاً، فهم يأتون السنة من غير الناحية التي يأتون منها المعتزلى، ويخاطبون المتصوف من غير هاتين الناحيتين، ويبيحون للغواة صنوف اللذات. وجعلوا من حق المرء أن يتزوج أخته وابنته كما يفعل المجوس، وفي ذلك يقول أحد دعاتهم: وما العجب من شيء كالعجب من رجل يدعى العقل ثم تكون له أخت أو بنت حسناء وليست له زوجة في حسنها فيحرمها على نفس وينكحها من أجنبي، ولو عقل الجاهل لعلم أنه أحق بأخته وبنته من الأجنبي
ويرى هؤلاء أن الأنبياء قوم أظهرتهم مواهبهم ونفاذ عقولهم وقوة تأثيرهم في نفوس الناس.
والقرامطة فريق من غلاة الباطينة، وهم يدينون بالقتل والتدمير وإخافة السبيل أكثر مما يدينون برأي أو ينزعون عن عقيدة، وكثيراً ما كانوا يغيرون على
الحجيج في طريقه إلى مكة أو في طوافه أو عند إفاضته فيقتلون الرجال ويذبحون الأطفال ويستحيون من راق في أعينهم من النساء.
وزعيم هؤلاء أحمد بن قرمط، وكان من صائبه حران، ثم قدم الكوفة فاجتذب غليه عامتها وأحل لهم الموبقات وخاض بهم الخبائث وقطع بهم السبيل واجتمع إليه خلق كثير. وخلف من بعده خلف كانوا أشد منه فتكا وأنكى طريقة. وقد حدثوا عن الحسين بن زكرويه القرمطي أنه ربما أغار على المدينة فقتل رجالها ونساءها وأطفالها وما شيتها وخرج وليس بها عين تطرف.
وكانوا يبيحون للمرأة أن تتزوج بالكثير من الرجال.
ومما حدث الطبري عن أبي الحسن المتطبب ببغداد قال: جاءتني امرأة بعد غلبة المكتفي بالله على صاحب الشامة - من زعماء القرامطة - فقالت لي: إني