أريد أن تعالج شيئاً في كتفي، قلت وما هو؟ قالت جرح، قلت جرح، قلت أنا كحال وهاهنا امرأة تعالج النساء وتعالج الجراحات فانتظري مجيئها، فقعدت ورأيتها مكروبة كئيبة باكية فسألتها عن حالها وقلت ما سبب جراحتك؟ قالت: قصتي تطول. قلت: حدثيني بها وأصدقيني، وقد خلا من كان عندي، فقالت كان لي ابن غاب عني وطالت غيبته وخلف على أخوات له فضقت واحتجت واشتقت إليه، وكان شخص إلى ناحية الرقة فخرجت إلى الموصل وإلى الرقة، كل ذلك أطلبه وأسال عنه فلم أدل عليه فخرجت عن الرقة في طلبه فوقعت في عسكر القرمطي، فجعلت أطوف وأطلبه، فبينا أنا كذلك إذ رأيته فتعلقت به، فقلت ابني فقالت أمي؟ فقلت نعم قال ما فعل أخواتي قلت بخير، وسطوت ما نالنا بعده من الضيق، فمضى بي إلى منزلة وجلس بين يدي وجعل يسائلني عن أخبارنا فخبرته، ثم قال دعيني من هذا وأخبرني ما دينك؟ فقلت يا بني أما تعرفنني؟ فقال وكيف لا أعرفك فقلت: ولم تسألني عن ديني وأنت تعرفنني وتعرف ديني؟ فقال:
كل ما كنا فيه باطل، والدين ما نحن فيه الآن، فأعظمت ذلك وأعجبت منه، فلما رآني كذلك خرج وتركني، ثم وجه إلى بخبز ولحم وما يصلحني وقال اطبخيه، فتركته ولم أمسه، ثم عاد فطبخه وأصلح أمر منزلة فدق الباب داق فخرج إليه، فإذا رجل يسأله ويقول له: هذه القادمة عليه تحسن أن تصلح من أمر المساء شيئاً؟ فسألني فقلت نعم، قال امضي معي، فمضيت فأدخلني داراً وإذا امرأة تطلق فقعدت بين يديها وجعلت أكلها فلا تكلمني، فقال لي الرجل الذي جاء بي إليها: ما عليك من كلامها، أصلحي أمر هذه ودعي كلامها، فأقمت حتى ولدت غلاماً وأصلحت من شأنها، وجعلت ألمها وأتلطف بها وأقول لها يا هذه لا تحتشميني فقد وجب حقي عليك، أخبرني خبرك وقصتك ومن والد هذا الصبي؟ فقالت تسأليني عن أبيه لتطالبيه بشيء يهبه لك؟ فقلت لا، ولكن أحب أن أعلم