للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بلقيس ملكة اليمن]

هناك فوق مشارف الأرض، وبين أفياء الثمر وخمائل الزهر وفسحات الأودية، ومَسَايل الماء قامت مدينة مَأْرِب عاصمة اليمن، وقبلة أقيالها، ومستقر عواهلها.

بين يدي هذه المدينة الغانية امتدَّ سدُّ مأْرب. مطلع الحضارة القديمة، وآيتها الناطقة. وأدنى ما يقال عنه أنه ثلاثون قنطرة ذراعها ثلاثة أميال في مثلها قد انبسط على جانبيه جنبتان، هما صُنع الله وآيته وحجته على تلك الأمة الوثَّابة الطَّموح. ومن حول هاتين الجنتين، وبين أفيائهما، انتثرت قصور مأرب، تلك التي جاذبت دور مصر دقة الوضع، وجلال الصنع، والنزوع إلى السماء، ونازعت قصور فارس حُسن النسق، وروعة المنظر، وجمال البناء.

تلك هي مأْرب دارةُ الملك اليمني في هد بلقيس ابنة الْيَشْرَح أنفذ ملوك اليمن رأيا، وأسناهم ذكرا، وأهداهم سبيلا.

ورثت بلقيس عرش زوجها وأبيها، وما كان لها بهما من حاجة. اتخذت لنفسها عرشاً بلغ من إبداع صنعه. وجمال نسقه، أن وصفه الله جل ذكره بالعظمة فقال: (وأُوتِيَتْ مِنْ كُلَّ شَيءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ).

<<  <  ج: ص:  >  >>