الأطناب، ونحمل على هؤلاء اللئام، فلعل الله ينصرنا عليهم. فقالت عَفّرَا بنت عَفَار: والله ما دعوت إلى ما هو أحب إلينا مما ذكرت. ثم تناولت كل واحدة عموداً من عمد الخيام، وصحن من صيحة واحدة. وألقت خولة على عاتقها عمودها، وتتابع النساء وراءها. فقالت لهن خولة: لا ينفك بعضكن عن بعض، وكُنَّ كالحلقة الدائرة، ولا تتفرقن فتُملكن فيقع بكن التشتيت وأحطمن رماح القوم، واكسرن سيوفهم. وهجمت خولة، وهجم النساء وراءها، وقاتلت بهن قتال المستيئس المستميت، حتى استنقذتهن من أيدي الروم، وخرجت وهي تقول:
نحن بنات تَّبعٍ وحِمْير ... وضربنا في القوم ليس ينكر
لأننا في الحرب نار تُسعر ... اليوم تُسقون العذاب الكبر
[صفية بنت عبد المطلب]
هي عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم الزبير بن العوام أحد القادة العظام في الإسلام. وكان من حديثها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما ثار عليه الأحزاب وحلَفائهم وذهبت جموعهم إلى المدينة تريد القضاء على المسلمين جميعاً - جمع النساء والصبيان في حصن بني حارثة، حتى لا يمسهم السوء. واعتصم بالحصن يومئذ حسان بن ثابت وكان ضعيفاً واهن القلب. وكانت صفية يومئذ بين النساء. فبينا هي مشرفة من الحصن، بصرت فارس يهودي يطيف بالحصن. فخشت أن يقتحمه، أو يدل عليه. فقالت لحسا: أنا هذا اليهودي يطيف بالحصن، وأني والله ما آمنة أن يدل علينا من وراءنا من يهود وقد شغل عنا رسول الله وأصحابه، فانزل إليه فاقتله. قال يغفر الله لك يا ابنة عبد المطلب! والله لقد