وقفت امرأة من هوازن على عبد الرحمن بن أبي بكرة فقالت: أصلحك الله، أقبلت من أرض شاسعة، ترفعني رافعة، وتخفضني خافضة بملحات من البلاد وملمات من الدهور، برين عظمى، وأذهبن لحمي، وتركنني والها، وأنزلنني إلى الحضيض، وقد ضاق بي البلد المريض، لا عشيرة تحميني، ولا حميم يكنفني،
فسألت في أحياء العرب من المرجو سيبه، المأمون غيبه، المكفي سائله، الكريمة شمائله، المأمول نائله فأرشدت إليك، وأنا امرأة من هوازن، مات الوافد، وغاب الرافد ومثلك من سد الخلة وفك الغلة، فاصنع إحدى ثلاث: إما أن تقيم من أودى أو تحسن صفدي أو تردني إلى بلدي. قال: أجمعهن لك وحبا.
خرج المهدي يطوف بعد هدأة من الليل فسمع أعرابية من جانب المسجد وهي تقول في مبطلون، بنت عنهم العيون، وفدحتهم الديون، وعضتهم السنون. بادت رجالهم، وذهبت أموالهم، أبناء سبيل وأنضاء طريق وصية الله ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهل من امرئ يجبرهم؟ كلأه الله في سفره وخلفه في أهله.