ومن حديثها أم قبيحة حظية المتوكل كتبت على خدها بالغالية جعفر وهو اسم المتوكل فأعجبه ذلك منها، وطلب إلى علي بن الجهم أن يقول في ذلك شعراً، وكانت محبوبة حاضرة، فلم تدع لابن الجهم وقتاً يفكر فيه واندفعت من فورها تقول:
وكاتبة بالمسك في الخدّ جعفرا ... بنفسي محطَ المسك من حيث أثرا
لئن كتبت في الخد سطراً بكفها ... لقد أودعت قلبي من الحب أسطرا
فيا من لمملوك لمِلْك يَمينِه ... مطيع له فيما أسر وأظهرا
ويا من هواها في السريرة جعفر ... سقى الله من سقيا ثناياك وأظهر
وكان في المجالس علي بن يحيى المنجم أحد شعراء المتوكل وندمائه، فبقى الشاعران واجمين لا ينطقان بحرف، وأرسل إلى عريب فلحنت الشعر وغنى الشعر وغنى به المغنيات. ومن حديث علي بن الجهم قال:
كنت يوماً عند وهو يشرب، ونحن بين يديه، فدفع إلى محبوبة تفاحة مغلفة، فقبلتها وانصرفت من حضرته إلى الموضع الذي كانت تجلس فيه إذا شرب ثم خرجت جارية لها ومعها رقة فدفعتها إلى المتوكل، فقرأها وضحك ضحكاً شديداً، ثم رمى بها إلينا فقرأناها، وإذا فيها:
يا طيب تفاحة خلوت بها ... تشعل نار الهوى على كبدي
أبكي إليها وأشتكي دنفي ... وما ألاقي من شدة الكمد
لو أن تفاحة بكت لبكت ... من رحمتي هذه التي بيدي
إن كنت لا ترحمني ما لقيت ... نفسي من الجهد فارحمي جسدي
وكان المتوكل لا يكاد يفارق محبوبته وقتاً من الزمان، حتى إنه وهو في مجلس خلافته كان يجلسها خلف ستر وراء الستر فيكلمها، ثم غاضبها يوماً فهجرها ومنع جواريه أن يكلمنها وانقطعت عنه وانقطع عنها، ثم أخبرته وصيفة بأنها في