الله رحمته وعزته، وناره وجنته، وما أعد للصابرات والمحسنات من جزيل الأجر وسَنّي المنزلة، فأثر ذلك عاطفتها وجنته، وما أعد للصابرات والمحسنات من جزيل الأجر وسَنيِّ المنزلة، فأثار ذلك عاطفتها وأفاض وجدانها، وأنار بصيرتها. فكان حقا لذلك أن
يصيب حبة قلبها، ويجول في مجال دمها، ويتأشب أحناء ضلوعها. وأن يكون خَلجة شفتيها، وظلة رأسها، وسُنة وجهها ومَراد طرفها، وككُل شيء بين يديها.
وكذلك كان أمر نساء العرب. فإن أول قلب خفق بالإسلام وتألق بموره، قلب امرأة منهن. وما كانت تلك المرأة سوى النساء، بل لقد هيء لها من جلال الحكمة، وبُعد الرأي، إلى زكاء الحسب، وذكاء القلب، ما عز على الأكثر من الرجال. فلم تأخذ الدين مشايعة، ولم تتلقه مجاملة، بل أخذته عن تأثر به، وظمأ إليه.
أجل. لقد تأثرت خديجة بنت خويلد زوج النبي وأم المؤمنين بهذا الدين تأثراً نفذ إلى قلبه الله عليه وسلم، فكانت مبعث الغبطة والسكينة عند تدافع النُّوَب، واشتداد الخطوب. ثم أعقبها جمهور النساء فتأثرن بهذا الدين تأثراً هان وراءه كل شيء.
وأول من سبق الضعاف اللواتي فقدن النَّصفة، وعثر بجدهن الزمان. فابتدرن ورده، وتفيأن ظله، واستهن بما أصابهن في سبيله، من ظلم وذل وآلام.
وكانت لقريش صولة وانبساط بالأذى على من آمن من أولئك الضعاف حتى لقد تجاوزوا به حدا التعذيب والإيلام، إلى الافتنان في التمثيل، والتأنق في التنكيل.
ومن أولئك اللواتي استعذبن العذاب؛ سُمية أمّ عمار بن ياسر. كان بنو مخزوم إذا اشتدت الظهيرة، والتهبت الرمضاء، خرجوا بها هي وابنها وزوجها إلى