للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان المأمون مشغوف بحبها، وقد ذكر صاحب نهاية الأرب أنه خلع في حبها عذار الخلافة حتى قبل مرة قدمها، وقد نسبت هي إليه فقيل لها عريب المأمونية، وكان إسحاق قد وصفها له قبل أن تصير غليه فأمره أن يشتريها بمائة ألف درهم، وأعطى إسحاق في وساطة شرائها مائة ألف أخرى. وقال إبراهيم بن رباح - كاتب ديوان المأمون - فلما أرادت أن أثبت هذا القدر من المال كتبت إن المائة الألف خرجت في ثمن جوهرة، ومائة الألف الأخرى خرجت لصائغها ودلالها، فجاء الفضل بن مروان - الوزير - إلى المأمون، وقد رأى ذلك وأنكره، وسألني عنه فقلت نعم، هو ما رأيت، فسال المأمون عن ذلك فقال: وهبت لدلال وصائغ مائة ألف درهم! وغلظ القصة، فأنكرها المأمون، ودعاني فدنوت، وأخبرته أن المال الذي خرج في ثمن عريب، وصلة إسحاق وقلت أيما أصوب يا أمير المؤمنين ما فعلت، أم أثبت في الديوان أنها خرجت ثمن مغنية وصلة مغن؟ فضحك المأمون وقال: الذي فعلت أصوب ثم قال للفضل بن مروان يا نبطّي لا تعترض على كاتبي هذا في شيء.

وما أظن أن المرأة بلغت في هذا العصر من نباهة الشأن وبعد الشأو ما بلغته عريب بل لا أظن مغنية في أي عصر من العصور نالت من الحظوة والجاه بين صدور الدولة وأعوان الخليفة ما بلغته هذه المرأة الممتازة بين النساء.

ومن حديث إبراهيم بن محمد اليزيدي أحد أصحاب المأمون قال: كنت مع المأمون

في بلد من بلاد الروم فبينا أنا في ليلة مظلمة شاتية ذات غيم وريح؛ وإلى جانبي قبة، فبرقت برقة وإذا في القبة عريب، قالت: إبراهيم بن اليزيدي؟ قالت لبيك! قالت قل في هذا البرق أبياتا ملاحا لأغنى فيها، فقلت:

ماذا بقلبي من أليم الخفق ... إذا رأيت لمعان البرق

من قبل الأردن أو دمشق ... لأن من أهوى بذاك الأفق

<<  <  ج: ص:  >  >>