للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خالفته وهو أعز الخلق ... علىّ والزور خلاف الحق

ذاك الذي يملك مني رقي ... ولست أبغي ما حييت عتقي

قال فتنفست نفساً ظننت أنه قطع حيازيمها، فقلت ويحك! على من هذا؟ فضحكت، ثم قالت: على الوطن، فقلت هيهات! ليس هذا كله للوطن، فقالت ويلك! أفتراك ظننت أنك تستفزني! والله، لقد نظرتُ نظرة مريبة في مجلسي، فادع لها أكثر من ثلاثين رئيساً، والله ما علم أحد منهم لمن كانت إلى هذا اليوم.

وكان بينها وبين إبراهيم بن المدبر أحد ولاة الدولة وكتابها وسراتها صحبة صادقة وودّ مكين، لم يجاوز ود للأديب، ثم حدث عتب فاحتجت عنه، وجد به الشوق والحنين إليها، وقال في ذلك - وهو مما يُتغنى به: -

إلى الله أشكو وحشتي وتفجعي ... وبعد المدى بيني وبين عريب

مضى دونها شهران لم أخلُ منهما ... بعيش ولا من قربها بنصيب

فكنت غريباً بين أهلي وجيرتي ... ولست إذا أبصرتها بغريب

وإن حبيباً لم ير الناس مِثله ... حقيق بأن يفدَى بكل حبيب

وحدث أن اجتمع إبراهيم بن المدبر وعبد الله بن حمدان وابن منارة والقاسم في بستان بالمُطيرة في يوم يقطر أحسن قطر، ويُجتلي فيه أطيب العيش، قال عبد الله بن حمدان فلم نشعر إلا بعريب قد أقبلت من بعيد، فوثب إبراهيم بن المدير من بيننا فخرج حتى تلقاها، وأخذ بركابها حتى نزلت، وقبّل الأرض بين يديها فجاءت

وجلست، وأقبلت عليه مبتسمة، وقالت: إنما حننتُ إلى مَن هنا لا إليك، فاعتذر لها. وقال:

بأبي من حقق الظن به ... فأتانا زائراً مبتديا

فكان كالغيث تراخي مدة ... وأتى بعد قنوط مُرْويا

<<  <  ج: ص:  >  >>